السبت، 2 يناير 2010







سيدي عاكف ..... قبل أن تغادر

لازلت اذكر تلك الكلمات التى قالها لى الأستاذ عاكف حينما كنت فى زيارة له انا ومجموعة من الاخوة لعلها عام 2002 - إن لم تخنى الذاكرة- وقبل ان يكون مرشدا عاما للإخوان وحينها سألته سؤال: "عن بعض الأخوة المسئولين الذين يتضايقون منا نحن الشباب من كثرة السؤال والنقاش وعرض وجهة نظرنا وآراءنا من حين لآخر ويحيدوننا جانبا ويصفوننا بأننا نتكلم كثيرا وإذا كان هناك عمل فنعلم أن فلان لايصلح لأنه لا يسمع الكلام ويتحدث أكثر مما يتكلم ............"
فاجابنى وبصوت مرتفع : " لا تسكت ولا تتوقف عن الكلام ولا تدع احد يخرس صوتك وقل ما شئت وقتما شئت وفى اى مكان شئت ومع اى احد شئت طالما انه فى حدود الادب والذوق وللصالح العام حسبما ترى ......"
وكانت أول مرة ألقى فيها أستاذنا فقد سمعت وقرأت عنه الكثير وكنت اعلم انه احد اثنين حكم عليهم بالإعدام ثم خفف الحكم الى مؤبد وانه احد خمسه قضى فى السجن عشرون عاما منذ عام 1954 وحتى عام 1974 على أثار حادث المنشية والذى اتهم فيه الإخوان – ظلما وزورا – ومنهم الاستاذ عاكف بمحاولة قتل عبد الناصر وبعد ان خرج من السجن انتقل إلى
الرياض بالسعودية ليعمل مستشارًا للندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومسئولاً عن مخيماتها الدولية ومؤتمراتها و اشترك في تنظيم أكبر المخيمات للشباب الإسلامي على الساحة العالمية بدءًا من السعودية، والأردن، وماليزيا، وبنجلاديش، وتركيا، وأستراليا، ومالي، وكينيا، وقبرص، وألمانيا، وبريطانيا، وأمريكا ثم عمل مديرًا للمركز الإسلامي بميونخ وظل يدعو الى الله وينشر فكرة الإسلام والى منهجه القويم ويوضح دور الإخوان فى الإصلاح والنهوض بالأمة بعد ثبات عميق وكان له فضل كبير في أن تنشا دعوة الإخوان فى دول أوربا وتنتشر الحركة الإسلامية والمراكز الإسلامية فى بريطانيا وألمانيا وفرنسا والنمسا والسويد وايطاليا .......
ثم اختير عضوا لمكتب شورى الجماعة عام 1987و انتخب عضوًا
بمجلس الشعب سنة 1987م عن دائرة شرق القاهرة، وذلك ضمن قائمة التحالف الإسلامي التي خاض الإخوان الانتخابات تحت مظلتها.
قُدِّم
للمحاكمة العسكرية سنة 1996م؛ فيما يعرف بقضية سلسبيل والتي ضمت وقتها عدد كبير من قيادات الإخوان المسلمين، وقد اتهمه الادعاء بانه المسئول عن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وحُكم عليه بثلاث سنوات، ليخرج من السجن في عام 1999م.
وتوج رحلة كفاحه بان اختارته قواعد وقيادات الاخوان مرشدا عاما لهم ولجماعتهم فى 24/1/2004 خلفا لفضيلة المرشد الراحل الأستاذ محمد مامون الهضيبى وكعادته فى ان يكون متميزا ومؤثرا وصاحب وجهة نظر ومخلفا لأفضل الاثر فخرج بالجماعة إلى اوج وقمة العلنية والظهور ونضج العمل الدعوى والسياسى والعام, وجعل من الجماعة فى فترة لا تزيد عن ست اعوام جماعة ملأ السمع والبصر يتحدث عنها الناس فى كل مكان ولا تكاد تطالع جريدة او مجلة او تفتح موقعا على النت او تشاهد فضائية الا وتجد إشارة إلى الإخوان أو إلى بعض اعمالهم او احد قادتها ولا يضيرك اذا كان الكلام بالإيجاب أو السلب ...........
فهو يتحدث فى شجاعة واقدام يقدم وجهة نظره لا يخشى فى الله لومة لائم يتحدث مع الصحفيين والإعلاميين وفى القنوات الفضائية لا يقدم كثيرا لفكرته ولا يخشى ان تفلت منه كلمة هنا او هناك , يتكلم بكل اريحية وشفافية لا يحسب لاحد حساب ولايهمه ماذا سيقول الناس وبماذا سترد الحكومة ومن سيغضب من كلامه او من سيعجبه , يدعو الاخوان الى الانطلاق والتحرر من قيود الجمود والخوف او حتى قلة الخبرة ويدعوهم الى الاتصال بالمجتمع وعرض فكرتهم دون خوف او وجل يدعو الجميع الى الكلام لا قيد ولا خوف ولا وجل فليقل من بشاء ما يريد يشكر الاخوان او يشتمهم يكن مع الاخوان او ينقلب عليهم ولكن فى الاخر فهويحترم كل صاحب قلم حر وجرئ يستفيد من فكرته ويدعو الاخوان الى اصلاح العيوب والتمسك بالثوابت والقيم .
يغضب قليلا من هذ او ذاك او من عدم سماع وجهة نظره الا انه يلتزم الشورى رغم انه صاحب قرار..........
من حقه ان يرشح ليكون مرشدا لولاية جديدة - واعتقد انه لو رضى لاختارته الجماعة عن بكرة ابيها – الا انه رفض ان يكون قائدا ومرشدا ورئيسا لاخر نفس فى حياته واعلن بكل شجاعة وثبات انه لن يجدد ولن يكون مرشدا وانه قدم ما يرى انه كافيا وليفسح المجال لغيره بغية التجديد والتغيير .
فهو شكل جديد من اشكال القيادة لم تشهده الجماعة ولا الدول من قبل فجاء عاكف فى الوقت المناسب ليضرب المثل والقدوة لمن سيجيء بعده بل لكل قائد فى مكانه ولينبه الغافلين ممن يظنون انهم فى اماكنهم لن يستطيع احد ان يغيرهم .................
سيدى عاكف ...قبل ان تغادر وترحل لتكون جنديا فى صفوف الاخوان, جنديا تسمع وتطيع وقد كنت تستطيع ان تكون قائدا تقود الاخوان صغيرهم وكبيرهم الا انك تركت هذا كله لتعلم القاصى والدانى الراجل والراكب القائدو المقود الراعى والرعية الناس جميعا فانت والحمد لله بصحة جيدة وبعقل راجح وبفكر نير راق الا ان المبدعين واصحاب الهمم واصحاب المعالى –وقليل ما هم – جاءوا ليغادروا ويظهروا ليختفوا بعد ان تركوا افضل الاثر واروع المثل وانضج الفكر سيظل التاريخ يذكرهم وستظل الاجيال تنهل من نبعهم وانت منهم يا سيدى فجزاك الله عنا وعن الاخوان وعن المسلمين خيرا وجعل مشوارك واعمالك فى ميزان حسناتك , لك منا كل الفضل والشكر ولك منا كل الاجلال والاكبار ولاجيالنا كل الفخار والعزة ان احد افراد جماعتنا انت منهم .
فقد كنت رجلا مع البنا, وكنت رجلا مع الهضيبى وكنت بطلا فى التنظيم السرى وكنت بطلا فى السجن ثلاثة وعشرون عاما , وكنت نعم الداعية وانت تنشر فكرتك فى اوروبا وكنت نعم الناصح وانت فى مكتب شورى الجماعة وكنت نعم القائد وانت مرشدا للاخوان وها انت اليوم تغادر واقفا كما الاشجار تغادر واقفة
وقبل ان تغادر ارسل لك حب شباب الاخوان والسنتهم التى تلهث بالثناء عليكم والدعاء اليكم ............
متعكم الله بالصحة العافية وحب الاخوان